الأحد، 21 يونيو 2009

مراكز مصادر التعلم .. بين الواقع والمأمول !

يعتبر مركز مصادر التعلّم مرفق مدرسي، يديره اختصاصي مؤهل، يحتوي أنواعاً وأشكالاً متعددة من المصادر التعليمية والتعلُّمّية، والتقنيات المعلوماتية والتعليمية، يتعامل معها المتعلم بشكل مباشر لاكتساب مهارات البحث عن المعلومات وتحليلها وتقويمها، بغرض بناء معارفه وخبراته وتنميتها، باستخدام نشاطات قائمة على أساليب التعلم المختلفة، ويقدم خدمات تسهل على المتعلم والمعلم الاستفادة من إمكاناته . ولكن هل يمكن اعتبار مراكز مصادر التعلم امتداداً طبيعياً للمكتبة ، أم تعتبر بديلاً عنها ، أم مرفقاً مدرسياً مسانداً ؟ أعتقد أن هناك ملابسات كثرة حول المكتبة و مركز مصادر التعلّم والدور التكاملي لكل منهما . إذ يعتبرها البعض بديلاً للمكتبة ، و يعتبرها آخرون مرفقاً مسانداً للمكتبة يقدم خدمات لا تتوفر ضمن نطاق المكتبة . في حين تعتبرها فئة ثالثة تطوّر في خدمات المكتبات ، فبدلاً من أن تكون مكتبة للكتب فقط فهي مكتبة تفاعلية الكترونية شاملة لجميع مصادر التعلّم .
خلال دراستي في مرحلة البكالوريوس في كلية التربية قسم المناهج وطرق التدريس تخصص حاسب آلي ، لاحظت وزميلاتي توفر مكتبة بسيطة تحتوي بعض الكتب والدراسات و لكنها في حقيقة الأمر كانت بعيدة عن استخدام الطالبات ، كانت المكتبة الوحيدة التي نستخدمها في الجامعة هي المكتبة الرئيسية في مركز دراسات الطالبات بعليشة ، وهي تقع في مبني مستقل مزوّدة بجميع أنواع مصادر التعلّم : كتب ودوريات و دراسات ذات فهارس الكترونية ، و وحدة انترنت وقاعات دراسة ونظام إعارة و خدمة التصوير . ولكن نتمنّى لو يتم تطويرها أكثر و تضمين مكتبة الكترونية ( E- Library ) تحتوي كتباً رقمية و برامج حاسوب ، سواءً تطبيقات أو حماية أو تعليمية أو ترفيهية .
لا تخفى أهمية مراكز مصادر التعلّم إذ لا يمكن أن نُعد الطالب القادر على اكتساب المعرفة التي يحتاجها بنفسه ما لم نزوده بالمهارات المعلوماتية التي تمكّنه من التعامل مع مصادر المعرفة المختلفة، ولكي نستطيع تزويده بهذه المهارات فلا بد من إتاحة المجال أمامه للتعرف على المصادر المختلفة للمعلومات ـ غير المقررات الدراسية ـ وتوظيفها في تعلُّمّه، وتعد مراكز مصادر التعلم من أنسب الصيغ تمثيلاً لهذا الفهم، وقدرة على تحقيق هذا الهدف. ولكن هل فعلاً تحقق الهدف ؟
من واقع ملاحظتي لمستوى مراكز مصادر التعلّم في التعليم العام و الجامعي في المملكة العربية السعودية ألاحظ ضعف دور هذه المراكز كمركز لمصادر التعلّم . يندر وجود مركز مصادر تعلّم مفعّل في العملية التعليمية ، هذا إن توفر أصلاً في المدرسة أو الجامعة .

في الفصل الثاني من العام الدراسي ( 1426- 1427 ) كنت طالبة في المستوى العاشر في كلية التربية تخصص حاسب آلي ، كان أحد المقررات ( 464 نهج ) يتطلب التدريب الميداني المتصل طوال الفصل الدراسي في إحدى المدارس الثانوية لتدريس مادة ( الحاسب الآلي ) للصفيـن الأول والثاني الثانوي ، حينها احتجت إلى جهاز العرض (Projector) لتقديم الدروس ببرنامج البور بوينت (PowerPoint) ولم يكن متوفراً في المدرسة ، فاضطررت إحدى الزميلات إلى شراء جهاز عرض خاص بها لنتمكّن من استخدامه طوال الفصل الدراسي في ايصال المعلومة بطريقة أكثر فاعلية و تتناسب مع المحتوى ومع استرايجيات التدريس المستخدمة . في هذه المدرسة لم يكن هناك مركزاً لمصادر التعلّم ، كانت تحتوي على مكتبة ولكنها مكتبة تقليدية إلى أبعد الحدود !
كذلك من واقع خبرتي في التدريس كأستاذة متعاونة في كلية التربية قسم المناهج وطرق التدريس ، في العام الدراسي (1427-1428 هـ ) صادفت مشكلات كثيرة من بينها كان التحفّظ حول استخدام المعمل من قبل الطالبات ، كثيرٌ من الطالبات يراجعنني للحصول على إذن لاستخدام المعمل ، فاضطر إلى ترك أعمالي المكتبية و مرافقتهنّ إلى المعمل و الإشراف على استخدامه . حينها كنتُ أتساءل .. لماذا لا تتوفر للطالبات بيئة تعلّم متكاملة تلبّي جميع احتياجاتهم ، حتى لا يمنعهنّ الحرج أو انشغال المعمل من استخدامه ، وأن يتوفر لهنّ اختصاصية توفر المساعدة على مدى مفتوح دون أن يعيق انشغالي استخدامهنّ للمعمل . خصوصاً وأن بعض الطالبات يستخدمن الحواسيب في استكمال متطلبات مقررات أخرى خارج نطاق تخصصي .
كان أحد المقررات التي قمت بتدريسها هي مقرر ( 464 نهج ) وكنت مكلّفة بالإشراف على طالبات التدريب الميداني في المدارس لتدريس مادة ( الحاسب الآلي ) في المرحلة الثانوية . أي أنني عشت تجربتي السابقة في التدريب الميداني ولكن من منظور المشرف وعلى مستوى مدارس أوسع . حينها أيقنت أن مركز مصادر التعلّم مجرّد مرفق استعراضي أنيق في المدارس المميزة فقط ، فجميع المدارس التي أشرفت على طالبات التدريب فيها تفتقر إلى مركز مصادر تعلّم ، بل إلى مكتبة تفاعلية . فقد لمست حاجة طالباتي الماسّة لوسائل تعليميّة و مصادر تعلّم تسهّل من عملية التعليم . لقد تميّزين طالباتي بحماس شديد و رغبة جامحة في تغيير نوعية التعليم في منهج الحاسب من خلال تنويع وسائل العرض و استراتيجيات التدريس و اتاحة فرص لإثراء المحتوى التعليمي . لقد كنت أشجّع و أوجّه هذا الحماس ولكن ، الإدارة التقليدية و غياب الإمكانات كان عقبة كبيرة في وجه التغيير .
تميّزت جامعة الملك سعود بوفرة الإمكانات المتاحة لأعضاء هيئة التدريس ، فكانت التقنيات متاحة وبأحدث الإصدارات مع وجود عمادة التعلم الإلكتروني والتعليم عن بُعد التي تُعنى بتدريب أعضاء هيئة التدريس على أدوات التعليم الإلكتروني . ولكن ، كنت أتوجّه إلى وكيلة القسم وأطلب موافقتها الشخصية - بصورة رسمية - عند استعارة جهاز عرض (Projector) لم يكن هناك مركزاً رسميّاً لمصادر التعلّم ، فكان ذلك عنصر تشويش للمعلم . أما في دراستي في مرحلة الماجستير في الفترة ( 1428 – 1430 ) فإنني كطالبة في مرحلة الماجستير تزداد حاجتي لمصادر تعلّم أكثر تنوّعاً و ثراءً ، فبالإضافة إلى مكتبتي جامعة الملك سعود – مركز الطالبات بعليشة والملز ، فقد زرت عدداً من المكتبات الأخرى ، مثل : مكتبة الملك عبد العزيز العامة ، مكتبة جامعة الملك سعود – الطلاب ، مركز الملك فيصل للبحوث . لاحظت وجود اتاحة الوصول للإنترنت من خلال أجهزة حاسب مكتبية بالإضافة للكتب والدوريات والمجلات والبحوث . ولكن تظل هناك حاجة لتنوّع المصادر كالكتب الرقمية ، و البرمجيات ، والأقراص الضوئية ، وغيرها . كما أن عدداً كبيراً من الطالبات يمتلكن أجهزة شخصية تحتوي تطبيقات لتصفح الإنترنت ( مثل : الكمبيوتر المكتبي Notebook، الكمبيوتر المحمول Laptop أجهزة الجوال Mobile، الآي بود IPod ، و غيرها ) أتساءل دائماً لماذا لا تتوفر في نطاق الحرم الجامعي شبكة انترنت لا سلكيةWi-Fi أو على أبسط الأحوال في نطاق المكتبات السابق ذكرها .

لاحظت مؤخراً وجود مركز مصادر تعلّم في قسم المناهج وطرق التدريس بكلية التربية ، على أنه لم يمض على تأسيسه فصل دراسي واحد إلا أنه أعطى تعزيزاً معنوياً و مادياً لطالبات القسم في مراحل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه . منذ فترة بسيطة قابلت الإختصاصية على المركز وهي أ. بتول السعدون كانت فعلاً في قمة التعاون و الخلق الراقي ، وما أسعدني فعلاً هو أنها مؤهلة لتكون مسئولة عن المركز فهي تحمل شهادة ماجستير في تقنيات التعليم . وكان يشرف عليها د.ألفت فوده وهي بروفيسوره متخصصة في الحاسب والتربية ولها مؤلفاتها و أبحاثها المرموقة .

أتمنى أن يكون في كل قسم مركز مصادر تعلم وأن يكون في مبنى الكلية نفسه حتى نوفّر على الطالب العناء ونسهّل له حصوله على مصادر التعلّم بطريقة توفر وقته وجهده . و أن يشرف على المركز اختصاصي تقنيات تعليم يعاونه استاذ مختص من القسم نفسه . فإن كل قسم هو الأعرف بطلابه باحتياجاتهم و متطلبات مقرراتهم ، فقد تتوفر في بعض الأقسام امكانات لا تتوفر عند الأقسام الأخرى لعدم حاجتهم لها ، إلا أنه لابدّ أن تتوفر أساسيات موحدة لكل الأقسام ، مثل وحدة الإنترنت ، و المكتبة الإلكترونية ، و وحدة الإنتاج ..... و غيرها من الوحدات الأساسية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق